الرئيسية
البوابة
أحدث الصور
التسجيل
دخول
من طرف [وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
[وحدهم المشرفون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
مناسبة المقال أنني استمعت الى باسل غطاس النائب الفلسطيني في البرلمان الاسرائيلي يتحدث الى التلفزيون الاسرائيلي عن الكوفية. ومناسبة ذلك ان غطاس اعتمر الكوفية تضامنا مع طلاب المدارس العرب الذين تعرضوا لاعتداءات الشرطة الاسرائيلية بسبب اعتمار الكوفية.
المذيع الاسرائيلي سأل غطاس ماذا تعني لكم الكوفية وهل هي في أصلها رمز ديني وغير ذلك. غطاس أجاب ما معناه ان ياسر عرفات كان يعتمرها وصارت رمزا للنضال الفلسطيني وغير ذلك.
من جهتي لا يكفيني هذا الجواب وأود ان أضيف هنا وأكرر من أين جاءت الكوفية.. تاريخها ورمزيتها.. ومغزى سؤال المذيع الاسرائيلي عن الأصل الديني للكوفية وأشياء أخرى :
الكوفية كانت قبل عرفات وقبل الثورة الفلسطينية المعاصرة بآلاف السنين. وقبل ثورة 1936 ضد الاستعمار البريطاني التي اعتمر خلالها الشعب كله كوفيات بأمر من قيادة الثورة بعد ان عمدت سلطات الاستعمار الى اعتقال كثيرين من الثوار بسبب ارتدائهم الكوفية, ذلك ان الثوار كانوا يتخفون بالكوفية كعادة الفلسطيني منذ آلاف السنين, فأمرت قيادات الثورة ان يرتدي كل الشعب كوفيات حتى تقطع الطريق على عسكر الاستعمار ويختلط عليه الامر.
تاريخيا ظهرت الكوفية مع ظهور الفلاح الفلسطيني الذي احتاج الكوفية غطاء لرأسه وجسمه خلال عمله في الحقل, ولا سيما ايام البرد والحر, فكانت الحطة او غطاء الرأس تقيه من حر الصيف وبرد الشتاء ويمسح بها عرقه ويرتديها شالا يلفّ بها عنقه احتماء من البرد وغير ذلك. ثم صار الشال علامة تراثية يرتديها الفلسطيني خلال طلعاته ونزلاته ومناسباته وأعياده. وتطور الامر فدخلت الكوفية الى الدين وصارت تستخدم رداء او غطاء للصلاة من باب الخشوع والورع والاحتشام وهو امر شائع في الأديان, حتى الأديان الوثنية قبل ظهور الديانات السماوية.
استوحى الفلسطيني ألوان الكوفية من محيطه فكان لونها الابيض والاسود هي ألوان الارض الطبيعية وهي سهلة التصنيع وايحاءاتها كثيرة فهي توحي الى الليل والنهار والسماء والارض والبر والبحر وكل الالوان المتعاكسة المحيطة بالفلاح منسجمة ومتمازجة ضمن خيوط سوداء وبيضاء متشابكة ومتمازجة وهي ترمز بذلك الى الانسجام والتناسق الطبيعي والجمع بين تناقضات الحياة من خير وشر وما الى ذلك ضمن جدلية أزلية وُجدت مع وجود الانسان على هذه الارض. وبعد ظهور الالوان شاع اللون السماوي والابيض رمزا للسماء والماء. فالماء أهم مكوّن للحياة, والسماء عدا عن رمزيتها كقبّة للكون فهي تذكّر ايضا بسلطة السماء (الآلهة) ورعايتها.
اما سؤال المذيع الاسرائيلي عن الأصل الديني للكوفية فهي اشارة الى الكوفية اليهودية او الاسرائيلية التي يرتديها اليهودي وقت الصلاة وهي لا تختلف من ناحية الشكل والجوهر عن الكوفية الفلسطينية بل هي نفسها. بلونيها الاسود والابيض او السماوي والابيض. والذي يشاهد اليهودي يرتدي كوفية حتما سيسأل نفسه هل هو يهودي أو فلسطيني. ذلك ان الحكاية هي حكاية الفلسطيني الذي بدّل اسماءه ودينه واسم بلده عبر الازمان لكنه لم يغير تراثه بل اتخذ تراثه أشكالا وأسماء جديدة فيما بقي الفلسطيني على جوهره ومعدنه.
نعم كان الفلسطيني وثنيا لالوف السنين في فترات ما قبل الكنعانية والفينيقية وما تلاها. ثم تحوّل الى اليهودية حاملا كوفيته على رأسه وعنقه فتحولت الكوفية الى رمز ديني يرتديه الفلسطيني وقت الصلاة. لم تغيّر الديانة من جوهر الانسان الفلسطيني فقد صّلى بالكوفية للآلهة الوثنية وها هو يصلي بعدها معتمرا كوفيته للاله الواحد بعد ان صار يهوديا.
حمل الفلاح الفلسطيني كوفيته ثائرا ومعلنا عصيانه على الطغيان اليوناني والروماني الذان حكما البلاد لقرون طويلة وفي كلا الحقبتين كان الفلسطيني على ديانته اليهودية وهذا لم يغير من جوهره الفلسطيني فهو ابن البلاد وابن بيئته في كل الحالات وقبل كل شيء بغض النظر عن ديانته. كان الفلسطينيون (اليهود) الثائرون على اليونان وعلى روما في ثورات ثلاث متتالية امتد توزيعها على أربعة قرون فكانت الاولى قبل اكثر من ألفي عام والثانية قبل ألفي عام تقريبا والثالثة بعدها بقرن تقريبا. كان الثوار يرتدون الكوفية ليتخفوا بها عن سلطات الاستعمار التي كانت تلاحقهم في كل مكان. كان الثوار يخفون غالبية الوجه ويتعرفون على بعضهم من خلال ملامحهم التي يعرفونها جيدا. فصارت هذه علامة للفلسطيني في كل زمان.
ومع ظهور المسيحية توزع الفلسطينيون بين اليهودية والمسيحية ثم تحول غالبيتهم الى الاسلام. لكنهم بقوا فلسطينيين في طبعهم وروحهم وكوفيتهم التي ظلت ترافق الفلاح الفلسطيني مهما كانت ظروفه وديانته. فهي رفيقته في الصلاة والعمل والمناسبات وخلال قضاء وقت مع العائلة وفي فترات النضال وفي كل شيء.
اما خلال الفترات اللاحقة وصولا الى العهد العثماني فكان الأعيان ومن يحسبون أنفسهم بأنهم من الزعامات والأفندية والمحسوبين والوجهاء والآغوات والبيكات والباشوات وكبار القوم, فهؤلاء يريدون ان يتميزوا عن الفلاحين البسطاء فنزعوا الى تقليد المستعمر والتشبه به وارتدوا لباسا يُعتبر اكثر مدنية وتحضرا بنظرهم.. متزلفين المستعمر ومتشبهين بلباسه طمعا بالمناصب والمكاسب. فصرنا نرى سكان المدن في فلسطين يرتدون لباسا مخالفا للقرويين, فيظهرون مع طرابيش وبدلات رسمية وعباءات وما الى ذلك. بائعين تراثهم بدراهم معدودة من أجل ظهور باحدى الولائم الرسمية او دعوة عند الوالي.
وجائت ثورة 1936 ضد المستعمر البريطاني والتي استمرت حوالي أربع سنوات, عاد خلالها الفلاح الفلسطيني وهو عماد الثورة ووقودها, الى ارتداء كوفيته والتخفي بها كما تملي عليه غريزته وفطرته وكما فعلها في المرة الاولى. وعندما احتدمت الثورة وتزايدت الاعتقالات في صفوف الثوار, امتد ارتداء الكوفية ليشمل الشعب برمته حماية للثوار وتضامنا معهم. وعادت الكوفية بكل قوتها وعنفوانها رمزا فلسطينيا أزليا يسير في مقدمة الصف قائدا وملهما للشعب خصوصا عندما تشتد الأزمات. وطبيعيا ان تكون الكوفية هي الرمز الأبرز خلال ثورة الفلسطيني الحالية.
لكن الملفت للنظر والمخالف لقوانين الطبيعة بل من عجائب القدر ان الفلسطيني اليوم يرتدي كوفيته ثائرا على اليهودي!! وهو أمر لم تألفه بلادنا. فالفلسطيني اليهودي في سابق الازمان هو الذي حمل كوفيته ثائرا على الاستعمار الأجنبي. ما حصل في الواقع ان الفلسطيني اليهودي سابقا بدّل ديانته فصار مسلما لكنه بقي على فلسطينيته. فيما يهود اليوم ينظرون الى الفلسطيني على اعتبار انه مسلم معادي لليهود واليهودية.. وبهذا الشكل تبدلت قوانين الطبيعة.. في مشهد هو الاول من نوعه في تاريخ بلادنا.
على كل حال نعود الى بداية المقال.. كلمة كوفيه بالفلسطيني ترادفها كلمة كيبا اليهودية وهي قلنسوة الرأس. ومع مراعاة تبادل حرفي الباء والفاء بلغات المشرق, يصبح من الممكن لفظ كيبا على هذا النحو: كيفا. ومنها تحورت الى كوفيه. اما لفظ كيبا الأصلي فهو كنعاني ارامي متأثر بالاشوري السومري. بمعنى ان اللفظ قديم عمره الاف السنين تحوّر مع الزمن تبعا للغات التي سادت البلاد فيما بقي قالب اللغة الفلسطينية على حاله.
اما الكيبا اليهودية فهي قلنسوة الرأس وهي نفسها القلنسوة التي يضعها المسلم على رأسه. فيما الكوفية بحجمها المعروف فلسطينيا تقابلها كوفية يهودية تسمى تاليت (حرف الطاء العبري لفظه مخفف بالنسبة للطاء بالعربي) تستخدم للصلاة
» مواقع متعددة معلومات وثقف نفسك فرندبوك روابط
» مجموعات وغروبات على الفيسبوك برعاية قناة الضفتين والمغتربين
» مواقع بها معاني الاسماء للذكور والاناث
» دوام الجسر 27-10-2019 معبر الكرامة برنامج قلب على ضفتين
» دوام الجسر 10-10-2019 معبر الكرامة برنامج قلب على ضفتين
» دوام الجسر 7-10-2019 معبر الكرامة برنامج قلب على ضفتين
» دوام الجسر 6-10-2019 معبر الكرامة برنامج قلب على ضفتين
» دوام الجسر 3-10-2019 معبر الكرامة برنامج قلب على ضفتين